- الصفحة الرئيسية
- المركز الإعلامي
- المقالات
- تفاصيل المقال
الأمن ركيزة التنمية، وقادة دولة الإمارات العربية المتحدة تنمويون؛ فقد حرصوا دائمًا وأبدًا على أن تخلو البيئة الأمنية من التقلبات وردود الفعل التي تُحدِث إخلالًا بالأمن العام، وأَولَوْا جُلّ اهتمامهم للبيئة الأمنية التي أرادوا لها أن تكون بيئة جاذبة للإنسان؛ ولذلك نرى اليوم هذه الصورة المتمثلة في استقطاب مختلف الجنسيات إلى دولة الإمارات؛ إمَّا للعمل فيها، وإمَّا للاستثمار في ظل هذه البيئة الآمنة. وبحكم خبرتي التي امتدَّت أكثر من خمسين عامًا في شؤون الأمن أستطيع أن أُحدد أسس البيئة الأمنية في الفكر القيادي الإماراتي.
للاستعداد والجاهزية أهمية خاصة عند القائد الإماراتي؛ فلا ينتظر حتى تقع الأحداث، وإنما يستشرف المستقبل، ويُعِد العدَّة لما قد يحدث، بل يُجري أيضًا اختبارات منتظمة لقياس قدرات قواته الأمنية وجاهزيتها. ولدينا أمثلة عدَّة على ذلك، منها الجاهزية والاستعداد لانعقاد مؤتمر صندوق النقد والبنك الدوليين، وإكسبو 2020 دبي، وكيف تمكَّنت دولة الإمارات في هاتَين المناسبتَين من تحقيق نتائج غير مسبوقة.
أما في التعاون الأمني؛ فكثيرة هي الأحداث التي برهنت على أن التعاون الأمني يحتل مكانة خاصة في فكر القائد الإماراتي، وقد تَمثّل ذلك بوضوح على الصعيدين الداخلي والخارجي؛ فداخليًّا نرى هذا الانسجام بين الأجهزة الأمنية الاتحادية والأجهزة الأمنية المحلية في الإمارات، الذي شكَّل في الحقيقة تجربة فريدة في التعاون الأمني على مستوى الدولة. وأما خارجيًّا؛ فقد حازت دولة الإمارات جائزة أفضل تعاون "ميداني معلوماتي عملياتي" في مكافحة المخدرات على مستوى الوطن العربي ست مرات على التوالي.
وإذا ما تلمّسنا جوانب حقوق الإنسان، نجد أنها من الأمور التي يحرص عليها قادة دولة الإمارات إحقاقًا للحق، بغض الطرف عن الجنسية واللون والدين؛ فقد عملوا على إرساء قواعد حقوق الإنسان في جميع الممارسات الأمنية وغير الأمنية؛ ما جعل كثيرًا من الجنسيات تنجذب إلى دولة الإمارات للعمل، بل للاستقرار فيها أيضًا.
كما رأينا اهتمام قادة دولة الإمارات بإرساء العدالة الاجتماعية؛ لأنهم يدركون مدى أهميتها في خلق الأجواء الأمنية المستقرة، وقد تَمثّل ذلك في إتاحة فرص الاستثمار والحصول على وظائف للمواطنين وغير المواطنين؛ وكذلك الحال بالنسبة إلى الأمن الأسري، الذي يأخذ حيزًا كبيرًا في فكر القائد الإماراتي؛ ذلك لأن الأسرة نواة المجتمع، ولأن صلاحها يعني صلاح المجتمع. وهذه غاية من غايات الخطط الاستراتيجية لقادة دولة الإمارات، التي أُعلنت في ملتقى الحكومات الذي عُقد أخيرًا في إكسبو 2020 دبي؛ إذ ركَّز الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، على هذا الجانب بكل وضوح.
أما التسامح، الذي لدولة الإمارات باع كبير فيه؛ فقد اختاره قادة الدولة سبيلًا إلى التعايش الآمن والمستقر محليًّا وإقليميًّا ودوليًّا، بصفته إحدى دعائم الأمن والاستقرار، والتفرغ للتنمية والازدهار والتقدم، بدلًا من الخوض في المشاحنات الدولية أو الإقليمية التي لا ينتج منها سوى الإخلال بالأمن الاقتصادي؛ وإذا ما تعطَّل الاقتصاد كان سببًا في إحداث صعوبات مالية وقضايا تجارية، وعجز في علاج المديونيات، ونحو ذلك.
وإذا ما نظرنا إلى تقديم الخدمة الأمنية، نرى أنها من أسس البيئة الأمنية في فكر القائد الإماراتي؛ فهل سمعتم يومًا بخدمة أمنية "سبعة نجوم"؟ شخصيًّا لم أسمع بذلك إلا حينما أمرت حكومة الإمارات متمثلة بتوجيهات إلى قادة الدوائر الأمنية وغير الأمنية بتقديم خدمات بأرقى ما تكون. ولعلّ من بين هذه الخدمات إنجاز المعاملات بلمسة زر على الهاتف النقال. كما أن مراكز الخدمة الأمنية حصدت جوائز كثيرة في هذا المجال، ولم يعُد في خدماتنا الأمنية والشرطية ما يُشعِر المراجع بغلظة في التعامل؛ بل إنه يُلاقَى بالابتسامة والإنجاز السريع؛ ما أوجد رِضًا شعبيًّا منقطع النظير. وتحقيقُ الرضا مطلب حكومي اليوم؛ ذلك لأن عدم الرّضا له انعكاسات غير مرغوب فيها؛ ولذا أضحت الدوائر تتسابق في نيل رضا المتعاملين، وهذا في حد ذاته يحقق الأمن النفسي للإنسان.
وفي ظل هذه البيئة أصبحت الشراكة مع المجتمع ممارسة اعتيادية؛ فأسهمت الشراكة الأمنية مع مجتمع دولة الإمارات في إيجاد برامج مثل "كلنا شرطة"، و"مجالس الشرطة"، و"الشرطة المجتمعية"، وكثير من البرامج التي شعر من خلالها المواطنون والمقيمون بأن الأمن مسؤولية الجميع، وهذا له أهمية قصوى في التصدي للجريمة والخارجين عن القانون؛ وهو ما يُوفّر مناخًا آمنًا في ربوع الدولة؛ ولذلك ليس مستغربًا أن تكون دولة الإمارات الأكثر شعورًا بالأمان فيها عالميًّا.
وعلى صعيد الحداثة والتجديد حرص قادة دولة الإمارات على تحرير هيئاتهم ومؤسساتهم ودوائرهم من قيود الروتين العقيم؛ بل أكدوا لجميع المسؤولين أن الحداثة والتجديد مطلب حكومي وشعبي في آن واحد؛ لذلك أضحى الإنسان في دولة الإمارات يعتز بهذا التطور. وقد مكّنت الحكومة دوائر الشرطة من تحقيق ما يضمن لها استخدام أحدث المعدات والأجهزة التقنية التي تمكّنها من الكشف عن غموض الجرائم؛ وأهّلت كوادرها البشرية تأهيلًا رفيع المستوى.
ومن أسس البيئة الأمنية أيضًا تعزيز مهارة إدارة الأزمات لدى القائد الإماراتي الذي أثبت أنه قائد استثنائي، ولعل إدارة أزمة "كوفيد-19" خير مثال على ذلك، ولا سيَّما ما رافقها من قدرة غير طبيعية على إدارة هذه الأزمة بأسلوب لم يُعطّل الحياة كما عطّلها في بقية دول العالم. وقد كانت دولة الإمارات الأكثر انفتاحًا في أثناء الجائحة، والأقل إصابة، والأوسع تطعيمًا للمواطنين والمقيمين، والأكثر تقديمًا للمساعدات الدولية من أجل التصدي للجائحة؛ فتعافت منها قبل غيرها؛ بحكمة قادتها وحُسن إدارتهم للأزمة.
وفوق ذلك كُله كانت عبارة "لا تشلّون هم"، التي أطلقها سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بمنزلة الترنيمة التي أشعرت الناس بالراحة بعد القلق االذي أصاب العالم من جرّاء هذه الجائحة.
إن البيئة الأمنية في الفكر القيادي الإماراتي بيئة صنعها مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة المغفور له -بإذن الله تعالى- الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، الذي يؤكد إرثُه ضرورة إيجاد بيئة آمنة ليس للإنسان فقط؛ بل لكل حيّ كذلك، وتعزيز كل بيئة آمنة تجعل دولتنا وطنًا لا يهتم بالإنسان فحسب، بل بالمكان والزمان أيضاً، ولذلك كانت دولتنا حريصة على أن تسابِق الزمن في تحقيق ما تصبو إليه.
وفّق الله قادتنا لما يحبه ويرضاه، وألهمنا جميعًا العمل على تحقيق الأمن في ربوع وطننا الغالي